قوله تعالى كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك
كاتب الموضوع
رسالة
alaa ayman Admin
عدد المساهمات : 2233 تاريخ التسجيل : 26/03/2012 العمر : 28 الموقع : www.alahli.alafdal.net
موضوع: قوله تعالى كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك الأحد يونيو 10, 2012 4:10 pm
كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين . هذا مثل آخر لممثل آخر ، وليس مثلا منضما إلى المثل الذي قبله لأنه لو كان ذلك لكان معطوفا عليه بالواو ، أو بـ ( أو ) كقوله تعالى أو كصيب من السماء . والوجه : أن هذا المثل متصل بقوله ( ولهم عذاب أليم ) كما يفصح عنه قوله في آخره فكان عاقبتهما أنهما في النار الآية ، أي مثلهم في تسببهم لأنفسهم [ ص: 109 ]عذاب الآخرة كمثل الشيطان إذ يوسوس للإنسان بأن يكفر ثم يتركه ويتبرأ منه فلا ينتفع أحدهما بصاحبه ويقعان معا في النار .
فجملة كمثل الشيطان حال من ضمير ( ولهم عذاب أليم ) أي في الآخرة . والتعريف في ( الشيطان ) تعريف الجنس وكذلك تعريف ( الإنسان ) . والمراد به الإنسان الكافر . ولم ترد في الآخرة حادثة معينة من وسوسة الشيطان لإنسان معين في الدنيا ، وكيف يكون ذلك والله تعالى يقول : فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ، وهل يتكلم الشيطان مع الناس في الدنيا فإن ظاهرة قوله قال إني بريء منك أنه يقوله للإنسان ، وأما احتمال أن يقوله في نفسه فهو احتمال بعيد . فالحق : أن قول الشيطان هذا هو ما في آية وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل في سورة إبراهيم . وقد حكى ابن عباس وغيرهما من السلف في هذه الآية قصة راهب بحكاية مختلفة جعلت كأنها المراد من الإنسان في هذه الآية . ذكرها ابن جرير والقرطبي وضعف ابن عطية أسانيدها فلئن كانوا ذكروا القصة فإنما أرادوا أنها تصلح مثالا لما يقع من الشيطان للإنسان كما مال إليه ابن كثير .
فالمعنى : إذ قال للإنسان في الدنيا اكفر فلما كفر ووافى القيامة على الكفر قال الشيطان يوم القيامة : إني بريء منك ، أي قال كل شيطان لقرينه من الإنس إني بريء منك طمعا في أن يكون ذلك منجيه من العذاب .
[CENTER] ففي الآية إيجاز حذف حذف فيها معطوفات مقدرة بعد شرط ( لما ) هي داخلة في الشرط إذ التقدير : فلما كفر واستمر على الكفر وجاء يوم الحشر واعتذر بأن الشيطان أضله قال الشيطان : إني بريء منك إلخ . وهذه المقدرات مأخوذة من آيات أخرى مثل آية سورة إبراهيم وآية سورة ق . قال قرينه ربنا ما أطغيته [ ص: 110 ] الآية . وظاهر أن هذه المحاجة لا تقع إلا في يوم الجزاء وبعد موت الكافر على الكفر دون من أسلموا . وقولفكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها من تمام المثل . أي كان عاقبة المثل بهما خسرانهما معا . وكذلك تكون عاقبة الفريقين الممثلين أنهما خائبان فيما دبرا وكادا للمسلمين . وجملة وذلك جزاء الظالمين تذييل ، والإشارة إلى ما يدل عليه فكان عاقبتهما أنهما في النارمن معنى ، فكانت عاقبتهما سوأى والعاقبة السوأى جزاء جميع الظالمين المعتدين على الله والمسلمين ، فكما كانت عاقبة الكافر وشيطانه عاقبة سوء كذلك لكون عاقبة الممثلين بهما وقد اشتركا في ظلم أهل الخير والهدى .
القصة التي نزلت فيها الاية قال ابن جرير و ابن كثير هذه الآية نزلت في عابد من عباد بني إسرائيل اسمه برصيص، وكان عابدا من العباد الكبار قد سكن في صومعة لعبادة الله،، ولكن غلبت عبادته على علمه، والعالم أشد على الشيطان من ألف عابد. وكان في زمانه ثلاثة إخوة لهم أخت وكانت بكرا ليس لهم أخت غيرها . فخرج الغزو على ثلاثتهم فلم يدروا عند من يخلفون أختهم ولا عند من يأمنون عليها، ولا عند من يضعونها ,قال : فاجتمع رأيهم على أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيل وكان ثقة في أنفسهم ، فأتوه فسألوه أن يخلفوها عنده فتكون في كنفه وجواره إلى أن يقفلوا من غزاتهم . فأبى ذلك عليهم وتعوذ بالله منهم ومن أختهم . قال فلم يزالوا به حتى أطمعهم . فقال : أنزلوها في بيت حذاء صومعتي فأنزلوها في ذلك البيت ثم انطلقوا وتركوها فمكثت في جوار ذلك العابد زمانا ينزل إليها الطعام من صومعته فيضعه عند باب الصومعة، ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضـع لها من الطعام . قال فتلطف له الشيطان فلم يزل يرغبه في الخير ويعظم عليه خروج الجارية من بيتها نهارا ، وبخوفه أن يراها أحد فيعلقها . قال فلبث بذلك زمانا، ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والأجر وقال له : لوكنت تمشي إليها بطعامها حتى تضعه ، في بيتها كان أعظم لأجرك ، قال : فلم يزل به حتى مشى إليها بطعامها فوضعه في بيتها. ، قال : فلبث بذلك زمانا ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وحضه عليه ، وقال : لو كنت تكلمها وتحدثها فتأنس بحديثك ، فإنها قد استوحشت وحشة شديدة قال : فلم يزل حتى حدثها زمانا يطلع عليها من فوق صومعته قال : ثم أتاه إبليس بعد ذلك فقال لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدثها وتقعد على باب بيتها فتحدثك كان آنس لها فلم يزل به حتى أنزله وأجلسه على باب صومعته يحدثها، وتخرج الجارية من بيتها، فلبثا زمانا يتحدثان ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وفيما له من حسن الثواب فيما يصنع بها، ومر على ذلك سنوات، فجاءه إبليس في هيئة الناصح، قال له: لماذا لا تضعه داخل الغرفة وتنصرف.. فوافق وأصبح يفتح الباب وربما لفت منها نظرة، وبدأ الشيطان يجمّلها له. وقال : لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريبا كان آنس لها فلم يزل به حتى فعل قال : فلبثا زمانا ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والثواب فيما يصنع بها إبليس بعد مدة: "مسكينة هذه اليتيمة لا أنيس لها، لماذا لا تجلس خارج الباب وبينك وبينها حجاب وتكلمها فتأنس بك؟".. فوافق, وهو يحدثها ويمزح معها حتى بدأ بينهم "استلطاف". إبليس مرة أخرى: "لما لا تفتح الباب وتجعلها تنظر إليك وأنت لا تنظر لها فإن ذلك له تأثير أكبر عليها وإيناس أكثر".. فوافق، فزاد تعلقها به وأصبح المزاح يكثر. ثم جاءه وقال: "أنت الآن تثير الشبهات حولك.. جالس مع هذه الفتاة وأيضا الناس تراك وتراها، لم لا تدخل واترك الباب مفتوح عن الخلوة"... فوافق ودخل وبدأت العلاقة تزيد واشتعلت الغريزة. إبليس بعد فترة: "أغلق الباب حتى لا يراك الناس ويظنوا بك ظنّ سوء".. فوافق، وبعد أن أغلق الباب.. خطوات بعد خطوات.. حتى وقعا في الزنى. وبعد أن حملت الفتاة جاءه الشيطان: "أين ستذهب من إخوتها سيقتلونك، فقال: كيف المفر، قال له: اقتلها.. فظل مترددا فترة , ثم وافق.. فقتلها ودفنها في نفس الغرفة".. فأتى أخوتها من الجهاد فقالوا: أين أختنا؟ فبكى برصيص و تندم و أخرج دموع النفاق و السمعة و الرياء و قال: مرضت و كانت زاهدة عابدة فدفنتها بعد أن دعوت لها!
فبكوا عليها و صدقوه و ناموا تلك الليلة. فأتى الشيطان لأخيها الأكبر وأخبره أن برصيص فعل بها الفاحشة و قتلها. وأتى الثاني و الثالث في المنام وأخبرهما كما أخبر الأول. فأصبحوا فتحدثوا بما رأوا في نومهم، فذهبوا و كشفوا المكان الذي دلهم الشيطان عليه فوجدوها حامل و مقتولة. فأتى الشيطان إليه فقال: لا ينجينك يا برصيص إلا أن تسجد لي سجدة لأحميك ، فكفر بالله،وسجد للشيطان سجدة! فقتلوه و صلبوه...
قوله تعالى كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك